فضاء حر

عن النيل والسياسية الخارجية المصرية

يمنات

ظل النيل أحد المحددات اﻹستراتيجية لرسم السياسة الخارجية المصرية . ولذلك فقد كانت دول حوض النيل المجال الحيوي رقم واحد في هذه السياسة.

أيام عبد الناصر كانت هذه العﻼقة نشطة وفي ذروتها على كافة اﻷصعدة .. كانت مصر تعج بالطلبة من هذه البلدان. النيل هو حياة مصر منذ اﻷزل .. إرتبط إسم مصر بالنيل .

كان لنا زميل إسمه مكنون جمال الدين من قبائل التيجري المسلمة في إثيوبيا وينتمي إلى أحد أسرها الحاكمة. خصصت له كلية اﻹقتصاد والعلوم السياسية التي كنا فيها معا برنامجا خاصا للدراسة باللغة اﻹنجليزية ..

سألته وقد تعززت عﻼقتنا كيف أقنعت الكلية يا مكنون ؟ أجاب : الله يخلي النيل . لم أفهم معنى رده يومذاك.

في نقاشاتنا المتكررة كان له رأي فيما يتعلق ببناء السد العالي. كان رأيه إن بناء السد العالي سيغري دول حوض النيل ببناء سدود هي اﻷخرى وستتضرر مصر من ذلك.. رأيه كان أن يترك النيل يتحرك بحريته التي كان عليها منذ اﻷزل وهو اﻷمر الوحيد الذي سيحرره من ضغوط تقلبات السياسة.

بعد 1967 تسربت إسرائيل إلى أفريقيا وراحت تنشئ عﻼقات قوية في هذه المنطقة وعينها على النيل ..

انشغلت مصر بأوضاعها الداخلية وتراحع إهتمامها بدول الحوض . كان لمكنون رأي حملنا عليه يومها بسببه وهو أن على مصر أن توافق على شق فرع للنيل إلى النقب ..

قلت له يومها انت لم تعد مكنون, أنت مجنون . ضحك ووجه كﻼمه إلى الشهيد عيسى الذي قال له بلهجته المميزة: موه تلخبط يا مكنون؟ ضحك جميع الحاضرين الشهيد محمد إبراهيم المرحوم أمين عبد الواحد، علي محسن حميد ، أحمد البرق وآخرون .. أتذكر اليوم كﻼم مكنون ﻷربع سنوات تزاملنا فيها وهو ﻻ يفتأ يتحدث عن النيل وكأنه يحذر من شيئ ما.

إلى أين ستنتهي أزمة النيل .. قلوبنا مع مصر وشعبها الكريم.

من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى